matrix 5717400 960 720 large

مقدمة في حجة المحاكاة الحاسوبية

حجة المحاكاة الحاسوبية:

هل تعيش في محاكاة حاسوبية؟ بهذه الورقة البحثية اهتز مجال الانطولوجيا الفلسفية عام 2001 التي نشرها nick bostrom وهي تحليلا لنظرية المحاكاة ويلخصها بان احد الفرضيات التي استنتجها قد تكون صحيحة وان ان هنالك احتمالية ان الكون, العقل البشري وكل ما انشئه الانسان ليس الا خورازمية تحاكي واقع المستوى “العلوي” اجبرت هذه الحجة المجمتع الفلسفي باعادة النظر بقوانين العلوم الطبيعية وحقيقة الوجود وهل من الممكن ان تكون جميع افكارنا عن العالم خاطئة وهي ببساطة رغبة عقولنا بتصور كل شي على انه حقيقي ؟

 

لقد كشفت لنا العلوم الكثير عن عالمنا وعن موقعنا به وبشكل عام ما قد اكتشفناه كان متواضعا على سبيل المثال, الارض ليست مركز الكون جنسنا ينحدر من المتوحشين, نحن مصنوعون من الاتربة الكونية, نحن نتحرك بواساطة اشارات فسيولوجية عصبية وتحضع لموجموعة متنوعة من المؤثرات البيولوجية والنفسية والاجتماعية التي تسيطر على ما لنا به سيطرة محدودة وفهم قليل, لكن احد مصادرنا من الفخر هو التقدم التكنولوجي, العديد من الاجيال السابقة قامت ببناء بنية اساسية ضخمة من التكنولوجيا, موطننا الان بذاته الى حد كبير من صنع الانسان وحتى حقيقة التقدم التكنولوجي يحوي على شعورا من التواضع اذ يقترح ان اكثر التكنولوجيا المتقدمة لدينا تعد بدائية ومحدودة للغاية مقارنة بما ستحظى به الاجيال القادمة من تطور.

 

Screen Shot 2018 10 17 at 10.07.09 AM
الافتراضات الثلاث لحجة المحاكاة.

 

اذا قمنا باستقراء هذه التطورات التكنولوجية المتوقعة وفكرنا في بعض مضامينها المنطقية نصل الى استتنتاج متواضع اخر الا وهو “حجة المحاكاة” تتطلب الحجة بعضا من نظرية الاحتمالات (نظرية الاحتمالات هي الإطار الرياضي الذي يسمح لنا بتحليل الاحداث العشوائية بطريقة سليمة منطقيًا. احتمال وقوع حدث ما هو رقم يشير إلى مدى احتمالية حدوث ذلك الحدث. هذا الرقم دائمًا ما بين 0 و 1 ، حيث يشير 0 إلى الاستحالة و 1 يشير إلى اليقين) الا ان فهم الفكرة الاساسية لا يتطلب الرياضيات و تبدا بافتراض ان الحضارات المستقبلية ستمتلك قوة حاسوبية ومهارات برمجية كافية لقدرتها على انشاء ما اسماه “محاكاة الاسلاف”

وستكون المحاكاة مفصلة بما يكفي لتسمح للعقول المحاكية بان تكون واعية وتمتلك ذات الخبرات والتجارب التي خضناها, فكر في محاكاة الاسلاف كبيئة افتراضية واقعية للغاية, حيث الادمغة التي تسكنها جزء من العالم المحاكي, حجة المحاكاة لا تضع اي افتراضا حول المدة الازمة لتطوير هذه الامكانية, بعض علماء المستقبل يقترحون حدوثها بغصون 50 عام ولكن حتى وان استهلكت مليون عام لن يصنع اختلافا من اساس الحجة, يضع بوستروم استنتاج لحجته على ان احد الاحتمالات التالية قد تكون صحيحة:

  1. تقريبا كل الحضارات في مستوى تطورنا التكنولوجي تنقرض قبل ان تصبح ناضجة تقنيا
  2. ان نسبة الحضارات الناضجة تقنيا المهتمة بانشاء محاكاة حاسوبية تقريبا صفر
  3. من المحتمل انك تعيش في محاكاة حاسوبية الان

كيف توصل الى هذا الاستنتاج؟

يبدا بوستروم حجته بوضع بعض الافتراضات الضرورية للادعائات الاحتمالية التي يقدمها, الافتراض الاول هو ادعاء بسيط يقتضي بان لو كان بامكاننا اعادة صياغة نموذج العقل البشري بتفاصيل كافية اذا سنكون قادرين على انشاء عقول اصطناعية او “محاكية” مطابقة بالتفاصيل الاساسية, يذهب الى ابعد من ذلك ويفترض ان تمكنا بمحاكاة العالم باكمله بتفاصيل كافية وادخال او برمجة هذا العالم في العقول الاصطناعية لن يكون بامكانها تحديد انها عقول محاكية ما لم يتم اعطائهم معرفة واضحة من قبل مبتكري المحاكاة.

يمضي بعد ذلك ليفترض افتراضا اكبر, انه من الممكن نظريا انشاء الة بقوة حاسوبية هائلة قادرة على محاكاة كل من العقل البشري والكون بتفاصيل كافية لانشاء محاكاة لايمكن تمييزها عن كوننا من قبل سكانها, يعتمد هذا على توقعات الحالة المستقبلية للتطور التكنولوجي وكذلك على التصاميم النظرية الحالية لالات الحوسبة المحتملة

نظرية الاحتمالات ومبدأ الامبالاة في حجة المحاكاة:

يبدا بوستروم باعطاء نسبة تقديرية لعدد الاشخاص الموجودين في المحاكاة وهم الغير موجودين في المستوى الاساسي للواقع ويقدر هذا على انه توقع لعدد الاشخاص المحاكين مقسوما على توقع عدد الاشخاص المحاكين بالاضافة الى عدد الاشخاص الحقيقين إن توقع عدد الأشخاص الذين تمت محاكيتهم يساوي احتمال إجراء عمليات المحاكاة مضروبًا في متوسط ​​عدد عمليات المحاكاة التي يمكن إجراؤها إذا تم إجراء عمليات المحاكاة ضعف متوسط ​​عدد الأشخاص في كل محاكاة, يجادل بوستروم هنا ان نتيجة الحسابات تعطينا نسبة ان جميع الاشخاص هنا هم “غير حقيقين” او “محاكين”.

يمكن فهم اساس الفكرة التي يطرحها بنظرية الاحتمالات بهذه البساطة: افترض ان الادعاء الاول خاطئ وان الحضارات بمستوى تقدمنا التكنولوجي قد تصل الى النضج التقني قبل ان تنقرض, ثم افترض ان الادعاء الثاني هو خاطئ وان هنالك نسبة كبيرة بين الحضارات المتقدمة تقنيا مهتمة بانشاء برنامج محاكاة, بحالة افتراض ان الادعائين على خطأ يتركنا ذلك الى ان هنالك اعداد هائلة من الاشخصا المحاكين مثلنا بدلاً من الاشخاص الغير محاكين مثلنا, بمعنى اخر جميع العقول البشرية قد تكون داخل برنامج محاكاة بدلا من خارجها, بالتالي هذا الافتراض يجعلنا من المنطقي قبول الادعاء الثالث.

ينتقل بوستروم الى مبدا الامبالاة ( ينص هذا المبدا ان في حالة عدم وجود سبب مستقل للاعتقاد بنظرية ما عن اخرى فان احتمال ان يكون اللافتراض صحيحا يساوي عدد الطرق المقترحة صحتها مقسومة على العدد الاجمالي للنتائج المحتملة ) بعبارة اخرى ان لم هنالك سببا معروف لتاكيد واحد بدلاً من الاخر بين عدة بدائل فأن لديهم احتمالية متساوية, عند تطبيق المبدا على حجة المحاكاة يقول بان احتمالية عيشنا في عالم محاكي بدلا من حقيقي تساوي نسبة جميع الاشخاص المحاكين.

انظر ايضاً: https://youtu.be/nnl6nY8YKHs

هل نعيش في محاكاة حاسوبية؟

الافتراض الثالث وهو الاكثر اهتماما من الناحية الفلسفية, ان كان صحيحا فانت على الارجح تعيش في واقع محاكي مصمم من قبل حضارات متقدمة تقنيا وما اكتشفه نيوتن وداروين وكوبرنيكوس وعلماء الوقت الحاضر ليست الا اعمال وقوانين محاكية لعالم الحقيقة هذه القوانين قد تكون او لا تكون متطابقة مع العالم الاساسي للواقع حيث يتواجد الكمبيوتر الذي يقوم بتشغيل برنامج محاكاة واقعنا! عالمنا قد يكون اكثر تواضع مما تظن لكن ما الاثار التي تتركها هذه النظرية؟ وماذا قد يتغير ان كانت “حقيقية”؟ افضل طرق توقع ما سيحدث هو من خلال استقراء الماضي, الامثلة العلمية والمنطق العام ان كنت تعتقد انك في محاكاة يجب عليك الاستمرار في حياتك كما لو كنت تعيشها حينما كنت معتقد انك تعيش الواقع او المستوى “السفلي” من الواقع وان اراد المحاكي ان لانعرف بالمستوى “العلوي” للواقع, قد لانعرف مطلقا.

 

 

المصادر:

الورقة البحثية الرسمية

المصدر الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top